responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 10  صفحه : 78
حَيَوَانٍ فَهُوَ مَمْلُوكٌ، وَالْإِحْسَانُ إِلَى الْكُلِّ بِمَا يَلِيقُ بِهِ طَاعَةٌ عَظِيمَةٌ.
وَاعْلَمْ أَنَّ ذِكْرَ الْيَمِينِ تَأْكِيدٌ وَهُوَ كَمَا يُقَالُ: مَشَتْ رِجْلُكَ، وَأُخِذَتْ يَدُكَ،
قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ»
وَقَالَ تَعَالَى: مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينا أَنْعاماً [يس: 71] وَلَمَّا ذَكَرَ تَعَالَى هَذِهِ الْأَصْنَافَ قَالَ:
إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كانَ مُخْتالًا فَخُوراً وَالْمُخْتَالُ ذُو الْخُيَلَاءِ وَالْكِبْرِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يُرِيدُ بِالْمُخْتَالِ الْعَظِيمَ فِي نَفْسِهِ الَّذِي لَا يَقُومُ بِحُقُوقِ أَحَدٍ. قَالَ الزجاج: وإنما ذكر الاختيال هاهنا، لأن المختال يأنف من أقاربه إذا كانوا فقراء، ومن جيرانه إذا كانوا ضعفاء فلا يحسن عشرتهم. وَذَكَرْنَا اشْتِقَاقَ هَذِهِ اللَّفْظَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ:
وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ [آلِ عِمْرَانَ: 14] وَمَعْنَى الْفَخْرِ التَّطَاوُلُ، وَالْفَخُورُ الَّذِي يُعَدِّدُ مَنَاقِبَهُ كِبْرًا وَتَطَاوُلًا. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ الَّذِي يَفْخَرُ عَلَى عِبَادِ اللَّه بِمَا أَعْطَاهُ اللَّه مِنْ أَنْوَاعِ نِعَمِهِ، وَإِنَّمَا خَصَّ اللَّه تَعَالَى هَذَيْنِ الْوَصْفَيْنِ بِالذَّمِّ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، لِأَنَّ الْمُخْتَالَ هُوَ الْمُتَكَبِّرُ، وَكُلُّ مَنْ كَانَ مُتَكَبِّرًا فَإِنَّهُ قَلَّمَا يَقُومُ بِرِعَايَةِ الْحُقُوقِ، ثُمَّ أَضَافَ إِلَيْهِ ذَمَّ الْفَخُورِ لِئَلَّا يُقْدِمَ عَلَى رِعَايَةِ هَذِهِ/ الْحُقُوقِ لِأَجْلِ الرِّيَاءِ والسمعة، بل لمحض أمر اللَّه تعالى.

[سورة النساء (4) : آية 37]
الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً (37)
وَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ: بِالْبُخْلِ بِفَتْحِ الْبَاءِ وَالْخَاءِ، وَفِي الْحَدِيدِ مِثْلُهُ، وَهِيَ لُغَةُ الْأَنْصَارِ، وَالْبَاقُونَ بِالْبُخْلِ بِضَمِّ الْبَاءِ وَالْخَاءِ وَهِيَ اللُّغَةُ الْعَالِيَةُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: الَّذِينَ يَبْخَلُونَ: بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ: مَنْ كانَ مُخْتالًا فَخُوراً وَالْمَعْنَى: إِنَّ اللَّه لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فخورا ولا يجب الَّذِينَ يَبْخَلُونَ، أَوْ نَصْبٌ عَلَى الذَّمِّ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ رَفْعًا عَلَى الذَّمِّ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُبْتَدَأً خَبَرُهُ مَحْذُوفٌ كَأَنَّهُ قِيلَ: الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَفْعَلُونَ وَيَصْنَعُونَ: أَحِقَّاءُ بِكُلِّ مَلَامَةٍ.
الْمَسْأَلَةُ الثالثة: قال الواحدي: البخل فيه أربع اللغات: الْبُخْلُ. مِثْلَ الْقُفْلِ، وَالْبَخَلُ مِثْلَ الْكَرَمِ، وَالْبَخْلِ مِثْلَ الْفَقْرِ، وَالْبُخُلِ بِضَمَّتَيْنِ. ذَكَرَهُ الْمُبَرِّدُ، وَهُوَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ عِبَارَةٌ عَنْ مَنْعِ الْإِحْسَانِ، وَفِي الشَّرِيعَةِ مَنْعُ الْوَاجِبِ.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّهُمُ الْيَهُودُ، بَخِلُوا أَنْ يَعْتَرِفُوا بِمَا عَرَفُوا مِنْ نَعْتِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَصِفَتُهُ فِي التَّوْرَاةِ، وَأَمَرُوا قَوْمَهُمْ أَيْضًا بِالْكِتْمَانِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ يَعْنِي مِنَ الْعِلْمِ بِمَا فِي كِتَابِهِمْ مِنْ صِفَةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَعْتَدْنا فِي الْآخِرَةِ لِلْيَهُودِ عَذاباً مُهِيناً وَاحْتَجَّ مَنْ نَصَرَ هَذَا الْقَوْلَ: بِأَنَّ ذِكْرَ الْكَافِرِ فِي آخِرِ الْآيَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِأَوَّلِهَا الْكَافِرُ. وَقَالَ آخَرُونَ: الْمُرَادُ مِنْهُ الْبُخْلُ بِالْمَالِ، لِأَنَّهُ تَعَالَى ذَكَرَهُ عَقِيبَ الْآيَةِ الَّتِي أَوْجَبَ فِيهَا رِعَايَةَ حُقُوقِ النَّاسِ بِالْمَالِ، فَإِنَّهُ قَالَ: وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَبِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَالْجارِ ذِي الْقُرْبى وَالْجارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ [النساء: 36] وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْإِحْسَانَ إِلَى هَؤُلَاءِ إِنَّمَا يَكُونُ بِالْمَالِ، ثُمَّ ذَمَّ الْمُعْرِضِينَ عَنْ هَذَا الْإِحْسَانِ فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كانَ مُخْتالًا فَخُوراً [النساء: 36] ثُمَّ عَطَفَ عَلَيْهِ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْبُخْلُ بُخْلًا/ مُتَعَلِّقًا بِمَا قَبْلَهُ، وَمَا ذَاكَ إِلَّا الْبُخْلُ بالمال.

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 10  صفحه : 78
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست